بئر الموت

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بعيدا عن كل مشاكل العالم نغوص فى بئر الموت حيث الظلام والرعب والصراخ فكر جيدا قبل دخولك الى هنا


2 مشترك

    زوجتي

    عاشقة الحزن
    عاشقة الحزن
    حارس الظلام


    عدد المساهمات : 131
    نقاط : 200
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 31
    الموقع : http://honesty.yoo7.com/

    زوجتي Empty زوجتي

    مُساهمة  عاشقة الحزن السبت يوليو 04, 2009 12:30 am

    في كل يوم أرى زوجتي تموت!

    قبل أن تتأوّه تعاطفًا مع مأساتي, وقبل أن تُحاول تخيّل معاناة زوج فقد زوجته, لكنه لفرط حبه لها يراها تموت كل يوم, كأنه لا يطيق فراقها.. اسمح لي أن أؤكد لك أن الموقف مختلف تمامًا عمّا تظن..

    كل يوم أنا (أرى) زوجتي تموت.. أراها رؤي العين لو لم تكن قد فهمت بعد!

    يبدأ اليوم بي على طاولة الإفطار, أحتسي قهوتي وأنتظرها لتخرج من غرفة النوم وهي تضع يدها على رأسها, مرددة أنها ليست على ما يرام..



    إنها تشعر بصداع عنيف وبغثيان سيتحوّل بعد دقائق إلى ألم وحشي, تصفه هي بأنها تشعر وكأن أمعاءها تتمزّق, قبل أن تبدأ مرحلة القيء التي لو رآها أي زوج آخر لظنّ أن زوجته ستخرج له معلنة أنها حامل, لتبدأ الاحتفالات البهيجة, لكني أعرف أنه ليس حملاً..

    ستجلس زوجتي بمشقّة أمامي وستصبّ لنفسها بعض الشراب الدافئ, وستُقرر أنها تناولت طعامًا فاسدًا ليلة أمس.. لن أنطق بحرف ولن أحرّك ساكنًا حتى ينتهي هذا كله..

    ستتناول مشروبها الدافئ وستُخبرني أنها تشعر بتحسّن, لكني لم أهتم ولن أردّ عليها حتى.. فلن تمر نصف ساعة حتى يعود الألم والقيء, لكنها هذه المرة ستقيء دمًا..

    ستقيء دمًا في دورة المياه.. ثم ستخرج منها صارخة لتقيء دمًا في الممر.. في الردهة أمامي وهي تُجاهد لتلتقط أنفاسها, لتخرجها في كلمة (ساعدني), لكني -ومهما حدث- لن أبارح مكانه هذا, إلى أن تسقط هي على الأرض أخيرًا, وسط بركة دمائها التي ستسيل من فمها, حتى تهمد حركتها أخيرًا..

    سأرمق أنا هذا كله بلا مبالاة تامة.. ثم سأحاول الوقوف بحذر, لكني سأشعر بالدوار كما يحدث كل مرة, لأسقط جوارها فاقد الوعي..

    بعدها سأستيقظ ليبدأ كل شيء من جديد!

    * * *

    سأستيقظ هذه المرة لأجد أنني في فراشي, لكني أعرف ما سيحدث حالاً..

    طرقات على باب الغرفة, ثم تدخل زوجتي والوجوم بادٍ عليها؛ لتخبرني أنها توّد الحديث معي في أمر هام, لم تعد تحتمل تأجيله أكثر من هذا, فلن أجيب عليها وستكتفي هي بصمتي لتبدأ..

    ستخربني أنها فكّرت طويلاً وترددت كثيرًا, قبل أن تقرر أنها لم تعد تطيق الاستمرار بهذه الصورة.. ستجلس على طرف الفراش, لكنها ستتحاشى النظر لي, وهي تواصل قائلة:
    - يجب أن تكون هناك نهاية.. ويجب أن تكون باختيارنا..

    ثم ستمر ساعة ونصف وهي تشرح لي مبرراتها لهذه النهاية, وهي مبررات أصبحت أحفظها عن ظهر قلب..

    سأحدّق أنا في سقف الغرفة, وسأحاول تزجية الوقت بحل بعض المعادلات الحسابية في عقلي.. لا شيء ستقوله لي زوجتي سيهم..

    لكنها -وبعد أن تمر ساعة ونصف- ستبتسم أخيرًا, وستنظر لي لأول وآخر مرة, لتقول:
    - لكني سأرحل الآن..

    فأبتسم أنا في سخرية.. لن يكون أول رحيل ولا آخره..

    تقف هي وتغمض عينيها وهي تجذب نفسًا عميقًا لتملأ به صدرها, ثم تخرجه في بطء شديد, كأنها ستفتقده إلى الأبد..

    ثم وبهدوء تام ستخرج ذلك النصل من جيبها.. ثم وبحركة سريعة جدًا ستذبح نفسها!

    من جسدها النحيل, ومن عنقها الذي لم يعد موجودًا, ستخرج نافورة الدماء وستتناثر على كل شيء في الغرفة, وستلوّث وجهي وملابسي بلزوجتها الحارة, لكني لن آبه بها..

    ستترنح زوجتي لحظة وسيلوح حزن دفين في عينيها.. ثم ستتهاوى دفعة واحدة..

    ستسيل دماؤها لتغرق أرض الغرفة, وسيتوقّف النزيف في النهاية تاركاً جثة شاحبة ترقد أسفل الفراش الذي أرقد أنا عليه..

    سأتنهّد في النهاية وأنا أعرف ما سيحدث حالاً..





    سأحاول الوقوف.. سأشعر بالدوار.. سأسقط على الفراش مرة أخرى وستظلم الدنيا من حولي..
    بعدها سأستيقظ ليبدأ كل شيء من جديد!
    * * *

    سأستيقظ هذه المرة لأجد أنني أقف على سطح البناية التي أعيش فيها, أرمق المدينة السابحة في الظلام وأدخن..
    أعرف أن زوجتي تقف خلفي هذه المرة وأعرف ما تفعله..
    وما ستفعله!
    تجذب الحبل الغليظ من أسفل قدمي, فأرفعها لأتركه لها.. هي ستحتاجه أكثر مني..

    أواصل تدخين سيجارتي في هدوء, لأسمعها تُردد:
    - أنت السبب.. أنت السبب..



    وهي -بالطبع- تقصدني أنا, لكني لن أفسد استمتاعي بسيجارتي لمجرد أن أردّ على سخافاتها.. أنا السبب؟.. ربما.. لكنه خطؤها لا خطأي..

    ورائي تقف زوجتي وهي تلفّ الحبل الغليظ حول عنقها, ودموعها تسيل في صمت..

    أنا السبب؟؟.. كيف تجرؤ؟!
    كأنها نست كيف وصلنا إلى هذه النقطة.. كأني أنا الذي تسببت في موته!

    تنتهي زوجتي من لف الحبل على عنقها, ثم تقف وقد بدا عليها التردد.. أهو الخوف من المرتفعات؟! أم إنها غريزة البقاء على قيد الحياة؟.. لن أعرف أبدًا..

    تقترب مني حتى تقف جواري تمامًا؛ لترمق ظلام المدينة بعينين بللتهما الدموع.. تقول مرة أخيرة دون أن تنظر لي:
    - أنت السبب..

    فأجيبها من وسط أدخنة سيجارتي:
    - لم يعد هذا يُشكل فارقًا الآن..
    لتهزّ هي رأسها موافقة.. يرتجف جسدها الضئيل مرة، ثم يهدأ وكأنه أدرك أنه لا مفر.. إنها سكينة ما قبل الـ.. القفز..

    بلا مقدمات تقفز زوجتي لتحلق تحت رحمة الجاذبية لحظات, قبل أن ينتهي الحبل الغليظ, لأسمع صوت فرقعة فقراتها العنقية من مكاني, وجسدها يرتد لأعلى ثم لأسفل, لتتأرجح جثتها متدلّية من أسفل قدميّ..




    كبندول ساعة تتأرجح زوجتي يمينًا ويسارًا, لكني لا أهتم.. صدقوني..

    لم أعد أهتم..
    فقط أنهي سيجارتي, ثم أسقط فاقد الوعي ككل مرة..

    * * *

    أستيقظ هذه المرة لأجدني مقيدًا على ذلك الفراش, عارٍ الجذع والأقطاب تلتصق برأسي وصدري.. إن الألم لا يطاق.. لا يطاق!

    أحاول الصراخ لكنهم ملأوا فمي بتلك القطعة البلاستيكية, التي أخبرتني الممرضة أنها ستمنعني من ابتلاع لساني.. الممرضة تميل عليّ وتصيح لأسمعها:
    - سنحاول إخراجك.. أرجوك قاوم..

    فأقاوم..
    وأغيب عن الوعي مجددًا..

    * * *

    هذه المرة أجدني عند نقطة البداية، لكني أعرف جيدًا ما سيحدث..

    لا أطيق أن أعيش هذه اللحظات مرة أخرى، لكن لا يوجد أمامي خيار آخر.. يمكنني أن أقاوم لكن هذا لن يؤدي إلى شيء..

    أنا الآن أقف أمام باب منزلي.. في الداخل تنتظرني زوجتي وهديتها بين يديّ.. إنها لا تعرف أنني قادم اليوم، لكني أعرف أنها لا تعرف فأنا عشت هذه اللحظات مرارًا وتكرارًا..

    أفتح الباب وأدخل.. الهدية بين يدي والمشهد يتكرر بحذافيره..
    هناك تلك الأصوات في البداية.. صوتها لكنها ليست بمفردها..
    تسقط الهدية من بين يدي وأتجمد مكاني.. الصوت واضح..
    هناك رجل معها في الداخل!



    تطيح قدمي بالهدية وأنا أندفع تجاه مصدر الصوت و.. و..

    * * *

    على الفراش ينتفض جسدي وتتسارع ضربات قلبي إلى حد يصيب كل من حولي بالذعر إلا أنا..
    سيحقونني في صدري مباشرة، ثم سيضعون منظم ضربات القلب على قلبي، وسيصيح أحدهم:
    سنبدأ بـ 220 فولت.. 3.. 2.. 1..
    أفقد الوعي!

    * * *

    زوجتي في الداخل تراني فتشحب.. ويراني هو فيهرب دون لحظة تردد..
    نصيحة تذكرها جيدًا.. لا تعد لمنزلك قبل موعدك مهما كان السبب!
    تخرس زوجتي ولا أنتظر منها حرفًا، فقط أستدير لأغادر الغرفة لتلملم هي ملابسها وصوتها وأشياء أخرى تهشّمت إلى الأبد بيننا..

    أمّا أنا فلم أعد أهتم صدقوني.. لم أعد أبالي..
    كل شيء يتكرر بحذافيره ولم أعد أشعر بشيء مما يحدث..
    تلحق بي زوجتي ودموعها تبلل وجهها فلا أشعر بذرة غضب أو شفقة.. يمكنها أن تخونني كما تشاء، فقط أعيديه لي..
    فقط لا تتركي المشهد يستمر كما يحدث كل مرة..
    تتوسل زوجتي فأتركها وأدخل غرفة ابننا.. كنت أنوي أن آخذه معي وأرحل..
    كنت أنوي..

    * * *

    - 280 فولت.. 3.. 2.. 1!

    * * *

    لا أعرف أن ما أراه حقيقة أمامي، إلا حين تشهق زوجتي من خلفي لتهوي فاقدة الوعي على باب غرفة ابننا..
    ما الذي سيحدث لطفل في السادسة لو قرر العبث في فتحة الكهرباء في الجدار؟.. الكثير.. فقط عليك أن تستعد للرؤية ما سينتهي به الأمر لاحقًا!

    فقط عليك أن تستعد لفقدان عقلك فهذا أقل ما سيحدث لك حين ترى ما رأيته أنا..
    كنت أنوي أن آخذ ابني وأرحل.. لكنه..
    لكنه كان قد رحل بالفعل..

    * * *

    تنتظم ضربات قلبي نوعًا، ويصيح الطبيب في الممرضات مِن حوله طالبًا بعض الأشياء التي ستبقيني حيًا ليبدأ هذا كله من جديد..
    يفتح جفني بيده ليختبر حدقتيّ بمصباح صغير في يده، وهو يلهث بانفعال مرددًا:
    قاوم.. قاوم..

    فأقاوم رغمًا عني..



    * * *

    تحاول زوجتي أن تقنعني أنني السبب!
    تخبرني أنها لم تعد تجدني.. لم تعد تراني.. لم تشعر بي..
    تخبرني أنني من فتحت لها الباب وطلبت منها الدخول.. وتخبرني أنها خسرت في النهاية مثلي تمامًا، فلا أرد عليها ولو بنظرة..
    في تلك الساحة الواسعة أسير وجواري تخطو زوجتي خطواتها الأخيرة.. الشمس هادئة تصغي لما تقول زوجتي:
    يجب أن تكون هناك نهاية ويجب أن تكون باختيارنا..

    ونهايتها أعرفها فلقد سمعتها منها مرة ورأيتها مرات.. لكني عاجز عن الرحيل حقًا..
    زوجتي لم تنسَ هذا اليوم قط ولم تعد تطيق ذكراه.. زوجتي اختارت الحل الذي يناسبها وهاهي تنتظر موافقتي عليه، فأصمت لتعتبر صمتي هذا ردًا..
    نسير في تلك الساحة الواسعة حتى نبلغ تلك الشجرة، فأستند على جذعها وأقاوم رغبة عارمة في البكاء.. رغبة تتسلل من أعماقي فجأة وتسيطر عليّ؛ لأقول أخيرًا:
    أريد أن أراه مجددًا.. فقط أريد أن أراه..

    فتبكي زوجتي بدلاً مني وتجيب:
    سأخبره أنك تحبه.. سننتظرك..

    ثم تُخرج ذلك الشيء من حقيبتها وتلصقه برأسها وتدوي صوت الطلقة..
    هكذا وبسرعة والشمس تنظر إلينا بعين لا تطرف..
    زوجتي رحلت، لكني أقاوم..
    وفي الغد..
    سيبدأ كل شيء من جديد..

    * * *

    يقول الطبيب وهو يعيد إلصاق الأقطاب بصدري ورأسي:
    سنجد علاجًا لحالتك.. صدقني.. سينتهي هذا كله لكن عليك أن تقاوِم..

    وأنا لا أملك إلا المقاومة وتصديقه..
    زوجتي أطلقت رصاصتها على رأسها، لكنها نفذت من جمجتها لتصيب رأسي أنا!
    لا يمكنهم إخراج الرصاصة الآن، ولا يمكنهم فهم تأثيرها عليّ فأنا عاجز عن النطق وهذا أسخف ما في الأمر الآن..
    رصاصة زوجتي تمنحني سلسلة لا نهائية من الكوابيس التي تتكرر طيلة الوقت.. هديتها الأخيرة بعد الرحيل..
    قد يُخرجون الرصاصة يومًا ما، لكني لا أعرف ما الذي سأفعله حينها.. إن الحياة التي تنتظرني لا تقل قسوة عن كوابيسي..
    نعم.. أنا من تركت المسدس لزوجتي يومها، وهي عثرت عليه وفهمت الرسالة كاملة.. ارحلي!.. ادفعي الثمن وارحلي.. وهي نفّذت ما لم أطلبه منه حرفيًا..



    لكني لم أرحل بعد..
    أنا هنا..
    أقاوم..
    تتكرر كوابيسي.. وأتذكر..

    * * *

    أفقد الوعي وأستيقظ لأجد أنني على طاولة الإفطار..
    زوجتي ستخرج حالاً من غرفة النوم.. تضع يدها على رأسها، مرددة أنها ليست على ما يرام..
    ستموت زوجتي بعد قليل ثم ستحيا..
    وسأعيش أنا في عذابي هذا بلا نهاية..
    THE KILLER
    THE KILLER


    عدد المساهمات : 102
    نقاط : 122
    تاريخ التسجيل : 08/06/2009
    العمر : 29
    الموقع : القاهره

    زوجتي Empty رد: زوجتي

    مُساهمة  THE KILLER الأربعاء يوليو 22, 2009 7:31 pm

    تصدقى إن أنا أول مرة أقرأموضوع رعب كده بس فعلا الموضوع جميل

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت سبتمبر 28, 2024 6:21 pm